بحث هذه المدونة الإلكترونية

المراجع :
1-  عبدا لله حسين الموجان , الحوار في الإسلام , مكتبة الملك فهد الوطنية للنشر , 1427 هـ .
2-  خالد محمد المغامسي , الحوار آدابه وتطبيقاته في التربيه الاسلاميه , مكتبة الملك فهد الوطنية , 1425 هـ
3-  محمد صالح بن علي جان , الأهداف التربوية , مركز بحوث التعلم الاسلامي , مكة المكرمة , 1418 هـ
4- عبدا للطيف فؤاد ابراهيم , وسع مرسي أحمد , المواد الاجتماعية وتدريسها الناجح , مكتبة النهضة العربية , القاهره ,
5-  سرحان الدمرداش , المناهج المعاصرة , مكتبة الصلاح , الكويت , 1401 .
6-  جار الله محمود بن عمر الزمشخري , اساس البلاغه , دار المعرفة , بيروت .
7-  عبدالرحمن النحلاوي , التربية بالحوار, دار الفكر , دمشق , 1421 ,
8-  يس عبدالرحمن قنديل , التدريس واعداد المعلم , دار الفكر العربي , القاهره , 1999 .
9-  محمد بن  مكرم ابن منظور , لسان العرب , دار صادر , بيروت , 1412
10-                  محمد فؤاد عبدالباقي , المعجم المفهرس لألفاظ القران , ط2 , دار الحديث , القاهره 1408 هـ عبد الغني عبود , في التربية الأسلامية , دار الفكر العربي , القاهره , 1977 م .

الحوار ومقارنته بالنظريات الأخرى :
أما بالنسبة للحوار ومقارنته بالنظريات الأخرى فأننا نستطيع أن نقارنه بين اليونانيين وطريقة الحوار لديهم وكذلك وكذلك طريقة الحوار في  العصر الجاهلي حيث يتضح لدينا الفرق الشاسع بينهم وبين الحوار في ضوء التربية الإسلامية
أما بالنسبة لليونانيين فإن طريقة الحوار على يد سقراط عند السوفسطائيين لم تكن قد اتضحت معالمها وقد اعتمد السوفسطائيين على المقدرة الكلامية والقوة البيانية اكثر من اعتمادهم على الدليل والمنطق والبرهان فكل كلام مزخرف عندهم وكل عبارات منمقة في رأيهم هي الطريقة لكسب المنفعة أما البحث وراء الحقيقة فعبث باطل.
استعمل اليونانيون الجدل بمعنى التحاور او التخاطب بين الناس بينما كان اهل اثينا يعدون الجدل  فنا عاليا او فن البحث عن الحق
طريقة الحوار عند سقراط تعتمد على طرح الاسئلة والإجابة عنها ومناقشة الاجابات عن طريق الاسئلة ايضا وهذه الطريقة تمر بثلاث مراحل :  الاولى اسئلة يقصد منها أن يكتشف الشخص بنفسه انه على باطل وليس محقا في اعتقاده والثانية اسئلة يقصد منها ان يعرف الشخص انه جاهل لا يعرف الحقيقة لذا فهو في حاجة الى سقراط يرشده إليها وأخيرا اسئلة يقصد بها ان يصل الشخص المخطئ او الجاهل إلى الحق والصواب بنفسه.
في العصر الجاهلي مارس العرب نوعا من المحاورات في المنافرات وهي تقترب من خطب اصلاح ذات البين التي كان يقيمها الجاهليون فيقيم المتخاصمون حكما يقران به وينهض كل منهما للتفاخر امامه متغنيا بشرفه وشرف ذويه وإظهار عيوب منافسه ومساوئه.
والمنافرة او المفاخرة بمعنى واحد هي المباهاة في الجمع المحتشد بفضائل الاصل ومكارم النسب ومحاسن الاخلاق وعلو المنزلة وروعة المكانة وجليل الفعل ومن ثم كانت الجاهلية تعدها ضرورة طبيعية لكيانها تأليفا للقلوب حول القبيلة وكان الحوار في المنافرة يبدو اكثر حيوية وتنوعا واقصر من خطبة اصلاح ذات البين كما ان العراك يظهر اكثر عنفا كأن الخصمين يتصارعان ويتجادلان فيها بالقول بما هو احد من وقع السيف والمعاني تبدو فيها مباشرة صريحة ولا يلمح إليها والفرق بين المفاخرة وبين خطب اصلاح ذات البين انه في خطب اصلاح ذات البين ترى المتصالحين يأخذون بالعقل والروية بقدر ما ينساقون بالانفعال اما المتنافران فإن كلا منهما يصدر عن غضب وحقد وتنزع به الانفعالات نزوعا ولا تدع للعقل والروية إليه سبيلا ( الموجان , 1427, ص 113 ,114)

تسهم المدرسة في ترسيخ آداب الحوا ر في نفوس النشء من خلال عدة جوانب ومنها:
أولا:المناهج:
إن تطبيق آداب الحوار من خلال المنهج أمر ضروري لتعليم المتعلمين, بحيث يمكن تطبيقها في واقع حياتهم.
آداب الحوار في المناهج:
1-من خلال مفهوم المنهج:
(جميع ما تقدمه المدرسة إلى تلاميذها تحقيقا لرسالتها ألكبري في بناء البشر , ووفق أهداف تربوية محددة وخطة علمية سليمة بما يساعد على تحقيق نموهم الشامل جسميا وعقليا ونفسيا و اجتماعيا وروحيا)(سرحان,1401,ص15)
وظائف المنهج:
·       تحقيق العبودية لله تعالي في حياة الإنسان
·       إظهار القيم الاجتماعية في شعور الإفراد
·       إنماء المواهب الفردية
·       الإعداد الصحيح للفرد للحياة الاجتماعية
2-من خلال مكونات المنهج:
أ-الأهداف التربوية:
(وصف للسلوك المتوقع من  المتعلم نتيجة لاحتكاكه بموقف التعلم)(مدكور, ص130)
وتنقسم الأهداف إلى أهداف عامة وأهداف خاصة, ويمكن صياغة آداب الحوار من خلال الأهداف الخاصة لتكون سلوكا يمارس من قبل المتعلمين وذلك يجعل هذه الآداب أكثر فائدة
ب-المحتوى:
(يضم جميع المعارف التي تعرض على المتعلمين وفق تنظيم معين)(عبدالله,1406,ص93)
وآداب الحوار هي من الآداب الإسلامية المستخرجة من الكتاب والسنة فهي جزء من المنهج فيفضل أن توضع كجزء من المحتوى بحيث يكون لدى الطالب القدرة على الحوار و الاستفادة منه ,آن المنهج الإسلامي ليس منهجا نظريا فقط بل هو منج متكامل
( يزود المتعلمين بالحقائق والمفاهيم والمهارات والخبرات التي تزيد من ايجابيتهم وفاعليتهم في القيام بأعمار الأرض )
ج- التقويم
آداب الحوار تدخل حتى في عملية التقويم, فإذا كانت آداب الحوار ضمن أهداف المنهج وهي جزء من المحتوى فأنة لابد آن تقوم لمعرفة مدى تحقيقنا لهذه الأهداف فالتقويم (وسيلة لا غاية, وسيلة لتحسين العملية التربوية في ضوء الأهداف التي ترمي إليها هذه العملية وعلاج الضعف والعيوب)(ابراهيم , ص 613)
د- طريقة التعليم
3-من خلال الكتاب المدرسي:
كيفية تطبيق الحوار في الكتاب المدرسي:
·       آن تكون آداب الحوار جزء من محتويات الكتاب المدرسي بحيث يكون كل أدب موضوعا من موضوعات الكتاب
·       إيراد نماذج مناظرات وحوارات ايجابية تجلت فيها آداب الحوار
·       آداب الحوار لا تكون جزء من كتاب مادة معينة بل يفضل اشتمال اغلب الكتب على بعض هذه الآداب
·       احالة الطالب إلى مراجع سهلة عن آداب الحوار
·       آن توضع في مقدمات الكتب المدرسية إشارة إلى آداب الحوار
·       آن يصاغ الكتاب المدرسي في عرض موضوعاته بأسلوب حواري
ثانيا: طرق التدريس:
وكل طرق التدريس يمكن تطبيق آداب الحوار من خلالها, مثل الطريقة الحوارية وطريقة المحاضرة
الطريقة الحوارية
هذه الطريقة( تعتمد على مشاركة الطلبة في الدرس والتوصل للحقائق عن طريق تفاعل المعلم مع الطلبة واستجوابه لهم وتمهيده للمعلومات حملهم على اكتشاف الحقائق والمعلومات والمفاهيم بأنفسهم بدلا من إخبارهم لها)(جان, 1419, ص493
وهذه الطريقة مناسبة مع الصغار والكبار ومن مزاياها:
·       تعويد الطلاب على التفكير والاكتشاف
·       تمنع المعلم من الخروج عن دائرة إدراك التلاميذ
·       ترسيخ المعلومات في أذهان الطلاب
·       إعطاء الطالب الثقة في نفسه لاشتراكه في الحصول على المعلومات
·       دفع المتعلم إلى مزيد من التعلم
ويمكن تطبيق آداب الحوار كما يلي:
·       إعطاء الطلاب ملخصا عاما لآداب الحوار لكي يتعرفوا عليها
·       تطبيق الآداب عدم المقاطعة والاستماع إلى المتكلم بحيث يلتزم التلاميذ بعدم التحدث إلا في الفواصل
·       إن المعلم علية أن يلتزم هو أولا بهذه الآداب أثناء الحديث
·       على المعلم أن يراعي عدم تعود الطلاب على هذه الآداب بسرعة لذا علية أن يتحلى بالصبر حتى يتدرب الطلبة على الالتزام الآداب
·       المشاركة في الحوار حق لكل طالب
·       ينبه الطالب عند خروجه عن الموضوع لان آداب الحوار تحتم إنهاء القضية المطروحة
·       على المعلم أن يعودهم على اللطف وحسن التعبير أثناء الحوار
·       الابتعاد عن استخدام ألفاظ ليس لها مدلول أي أن تكون واضحة
·       على المعلم أن يقنع طلابه بالأفكار الرئيسة عن طريق الفهم وإتاحة الفرصة للنقاش الجاد
·       إذا تحول الحوار إلى جدل يفضل إنهاء الحوار
·       إعداد المعلم للحوار أمر في غاية الأهمية
طريقة المناقشة
هذه الطريقة من أقدم طرق التدريس وتغرف ب( طرق التدريس التي تعتمد على قيام المعلم بإلقاء المعلومات على الطالب مع استخدام السبورة أحيانا في تنظيم بعض الأفكار وتبسيطها في حين يجلس الطالب هادئا مستمعا مترقبا دعوة المعلم له لترديد ما سمعة من المعلم)( قنديل.ص164)
مزاياها
·       تمكن الطلب من تنظيم المعلومات  والمقارنة بين الأفكار
·       إذا كان لدى المعلم قدرة حسن الإلقاء فأنة يتمكن من إثارة الطلبة والتأثير فيهم وجذب انتباههم
·       توفير الوقت
·       فيها ضبط للطلاب
·       المادة العلمية المقدمة متساوية لجميع الطلبة
عيوبها
·       عدم مشاركة المتعلم بشكل ايجابي
·       تهمل الفروق الفردية
·       إن المدرس قد يخرج عن الموضوع
·       إصابة الطلاب بالملل
·       قد تتحول المحاضرة إلى تمرين إملائي ف المحاضر يملي والطالب يكتب

يمكن تطبيق الحوار في طريقة المحاضرة:
·       أن تكون هذه الآداب هي موضوع الدرس فيتعرف عليها الطالب
·       قد يحدث حوار بين المعلم والطالب فعلية أن يلتزم بآداب الحوار لأنه قدوة لهم
·       على المعلم أن يشجع الطلبة على الأسئلة خلال الدرس ليعرف مدي التزامهم بآداب الحوار
·       على المعلم أن ينبه طلابه على الالتزام بآداب الحوار خلال حوارهم معه أو مع الآخرين
أمور يجب توافرها في المعلم والمتعلم لتطبيق آداب الحوار خلال طرق التدريس:
1-ما يخص المعلم:
القدرة العلمية بحيث يتمكن من الإجابة على الطلبة والاستمرار بالحوار
توافر صفات عقلية مثل الذكاء والقدرة على حل المشاكل وحسن التصرف والسداد في الرأي
العدل و الإنصاف
التحلي بالصبر
2-ما يخص المتعلم:
حسن السؤال
حسن الاستماع للحوار
الاحترام للمعلم
مراعاة آداب المناقشة والمناظرة
ثالثا: التطبيق التربوي لآداب الحوار من خلال النشاط:
صرف طاقات الناشئين أو تشجيعها أو بعثها في أعمال والغاب يقبلون عليها من تلقاء أنفسهم وتحقق ميولهم وذاتهم
أهمية النشاط  التربوي:
·       يتيح للطالب الفرصة للتعبير عن ميولهم وإشباع حاجاتهم
·       يمكن الطلاب من تعلم أشياء لا يمكن تعلمها داخل حجرة الدراسة
·       ينمي ميول التلاميذ ويساعد في إبراز مواهبهم
·       يحرك دافعية التلاميذ للتعلم
·       يهيئ للطلاب مواقف تعليمية شبيه بمواقف الحياة
·       يرسخ مفهوم الاحترام والتعاون
·       يساعد في تحقيق الأهداف التربوية
·       يكسب الطلاب مهارات سلوكية
أنواع  النشاط التي يمكن من خلالها تطبيق آداب الحوار:
الإذاعة المدرسية واستثمارها في تدريب الطلاب على مهارة الحوار
الصحافة المدرسية
الندوات والمحاضرات والبرامج

ثالثا:تطبيق آداب الحوار في المجتمع:
1-دور الخطباء في المساجد في ترسيخ آداب الحوار بين الأفراد
خطبة الجمعة
الندوات والمحاضرات
الحلقات العلمية
2-دور وسائل الإعلام في ترسيخ آداب الحوار
نشر هذه الآداب في وسائل الإعلام
ممارسة هذه الآداب من خلال وسائل الإعلام
ومن وسائل تطبيق الحوار بالمجتمع:
الصحف- الكتب – التلفاز –شبكة المعلومات ( الانترنت)
ولتطبيق آداب الحوار من خلال هذه الوسائل لابد من الأتي:
·       ضرورة التزام المتحاورين بآداب الحوار
·       إن الذي يطرح قضية للحوار علية أن يلحظ  أن الاختلاف أمر لا عيب فيه بل قد يكون فيه خير وهو تعرفه على وجه نظر الآخرين.
·       عرض آداب الحوار وتذكير المشاركين بها
·       الابتعاد عن الأساليب الانفعالية التي لا طائل من الأخذ بها  الاختلاف
·       الالتزام أي عضو يريد التعليق على احد الموضوعات بآداب الحوار وتطبيقها على نفسه في مناقشته للاخرين


                              الحوار وموقف التربيه الاسلامية منه
 مفهوم الحوار :
إن تحديد مفهوم الحوار أمر لابد منه , وتحديد المفهوم يتناول بيان معانيه في اللغة وفي الكتاب والسنة وفي اصطلاح المستخدمين للحوار وكذلك معرفة الألفاظ التي قد تكون مرادفة للحوار
أولاَ : تعريف الحوار في اللغة :
يقول الزمخشري في الأساس ( حاورته : راجعته الكلام وهو حسن الحوار وكلمته فما رد علي محورة ) (الزمخشري ,1415,ص98)  وذكر ابن منظور أن معنى (حور : الرجوع عن الشيء , والى الشيء حارالى الشيء وعنه حورا ومحاوراً ومحارة وحؤوراً رجع عنه وإلية والحورُ : النقصان بعد الزيادة لأنه رجوع من حال إلى حال ) والمحاورة : مراجعة المنطق والكلام في المخاطبة (ابن منظور ,1412,ج4 , ص217 218 )
ومن هذه التعريفات يمكن استخلاص أن الحوار يأتي بمعنى المراجعة بقول (تحاوروا : تراجعوا الكلام بينهم ) . أما المحاورة فيقصد بها ( المجاوبة ومراجعة النطق والكلام في المخاطبة ) (المغامسي ,1425 , ص 21 )
ثانياً : الحوار في الاصطلاح :
لقد وردت للحوار الكثير من التعريفات لكن كان اوضحها ماذكره النحلاوي فقد عرف الحوار بأنه (أن يتناول الحديث طرفان أو أكثر , عن طريق السؤال والجواب , بشرط واحدة الموضوع أو الهدف فيتبادلان النقاش حول أمر معين , وقد يصلان إلى نتيجة , وقد لايقنع أحدهما الآخر , ولكن السامع يأخذ العبرة ويكون لنفسة موقفاً ) ( النحلاوي ,1995,ص206 ) ومن خلال اطلاعنا على تعار يف الحوار أمكاننا أن نستخلص أن الحوار هو حديث بين طرفين أو أكثر حول قضية معينة الهدف منها الوصول الى الحقيقة بعيداً عن الخصومة والتعصب بل بطريقة علمية إقناعية ولا يشترط فيها الحصول على نتائج فورية .

ثالثاً : لفظ الحوار في القران الكريم :
لم ترد كلمة الحوار مصدراً في القران الكريم ولكن بالرجوع إلى المعجم المفهرس لألفاظ القران , وجدنا مشتقات لهذه الكلمة وهي :
1ـ كلمة ( يحاورة ) في سورة الكهف قال تعالى : ( وكان له ثمر فقال لصاحبة وهو يحاوره أنا أكثر منك مالاً وأعز نفراً) وقال تعالى : ( قال له صاحبهُ وهو يُحاورهُ أكفرت بالذي خلقك من تراب ثم من نطفةٍ ثُم سواك رجلاً ) " سورة الكهف "
  كلمة (تحاور) في سورة المجادلة , قال تعالى : ( قد سمع الله قول التي تًجادلك في زوجها وتشتكي إلى الله واللهً يسمع تحاوركما إن الله سميع بصير ) "سورة المجادلة " ( عبدالباقي , 1408 , ص 280 )

رابعاً : لفظ الحوار في السنة النبوية :
لم ترد كلمة حوار في السنة مصدراً وإنما وردت مشتقات هذه الكلمة كما يأتي :
عن عبدالله بن سرجس قال : (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سافر , يتعوذ من وعثاء السفر , وكآبة المنقلب , والحور بعد الكون , ودعوة المظلوم , وسوء المنظر في الأهل والمال ) ومعنى قوله : الحور بعد الكون أو الكور وكلاهما له وجة , انما هو الرجوع من الإيمان إلى الكفر أو من الطاعة إلى المعصية  , ولكلمة الحور ثلاثة معان ٍ هي : 1- النقصان بعد الزيادة 2- فساد الأمور بعد صلاحها 3- الرجوع عن الجماعة بعد أن كنا منهم .
وعن أبي ذر أنه سمع رسول الله صلى الله علية وسلم يقول : (أيما رجل ادعى لغير أبيه وهو يعلمه إلا كفر ومن ادعى ماليس له فليس منا وليتبوأ مقعدع من النار ومن دعا رجلا بالكفر , أو قال : عدو الله , وليس كذلك إلا حار عليه ) ومعنى حار عليه : أي رجع ذلك القول على القائل . ( المغامسي ,1425, ص24) .

رابعاً : ألفاظ تأتي مرادفة للحوار :
تترد على ألسنة كثير من الناس ألفاظاً , ويقصد بها الحوار , ولهذا وجب بيان هذه المرادفات للحوار .
1ـ الجدل :
ويمكن تعريف الجدل بأنه عبارة عن دفع المرء خصمه عن فساد قوله بحجه أو شبهة وهو لا يكون إلا بمنازعة غيره .
وينقسم الجدل إلى نوعين : 1- جدل محمود وهو كل جدل  أيد الحق أو أفضى إليه بنية خالصه وطريق صحيح , فكل جدل فيه تحقيق للحق فهو محمود .
2- الجدل المذموم وهو كل جدال ظاهر الباطل أو أفضى إليه ويذم الجدل لأن فيه أحياناً تغيير للحق وقلبه للباطل . ( المغامسي ,1425 ,ص26 )
2- المناظره :
ومعنى المناظره النظر بالبصيره من الجانبين , في النسبه بين الشيئين إظهاراًللصواب , أو هي المحاورة بين فريقين حول موضوع لكل منها وجهة نظر فيه تخالف وجهة نظر الفريق الآخر , فهو يحاول إثبات وجهة نظره وإبطال وجهة نظر خصمه , مع رغبته الصادقه بظهور الحق والاعتراف به لدى ظهوره . ( المغامسي ,1425 ,ص 34 )
3- المناقشة :
تأتي بمعنى المحاسبة والاستقصاء , والمناقشة هي نوع من التحاور بين شخصين أو طرفين , ولكنها تقوم على أساس استقصاء الحساب , وتعرية الأخطاء وإحصائها . وعلى هذا فالمناقشة تشترك مع الحوار في كونهما كلاماً أو حديثاً  غير أنها تقوم في الأساس على المحاسبة .
          وخلاصة الأمر أن الجدل والمناظرة والمناقشة تعد من أنواع الحواربمعنى خاص به فالفرق بين الحوار والجدل هو أن الجدل فيه خصومه أما الحوار فلا يشترط فيه وجود الخصومه .
وأما الفرق بين الحوار والمناقشة , أن المناقشة تقوم على المحاسبة وبيان الأخطاء أما الحوار فانه لا يقوم على بيان الأخطاء فقط .
موقف التربية الإسلامية من الحوار
إن التربية الإسلامية تربية عملية تتحول بها الكلمة إلى عمل بناء أو إلى خلق فاضل , أو إلى خلق فاضل أو إلى تعديل في السلوك على النحو الذي يحقق وجود ذلك ( الإنسان )  كما تصوره الإسلام .
لهذا إن الحوار وآدابه في ظل التربية الإسلامية  لو درست بشكل نظري دون تطبيق لها لعد الأمر من الترف العلمي ومن الأمور التي لايترتب على معرفتها أي نتيجة , ولكنها لو تم تطبيقها بشكل عملي في الحوارات الدائره وخلال الأحاديث العادية لكانت ثمارها واضحة في تخفيف حدة الفرقة بين المسلمين , وفي زيادة أواصر المحبة بينهم ولحققت للمتحاورين مزيداً من المعرفة والعلم , ولأقامه جسوراً جاذبة لغير المسلمين إلى الإسلام .
أن تواصل الحوار بين المسلمين أمر ضروري ذلك أن تواصل الحوار بين المسلمين أمر ضروريذلك لانه يفضي مع مرور الزمن إلى تقلص شقة الخلاف بينهم غير أن هذا التواصل لايكون مفيداً إذا افتقد آداب الحوار. .( عبود , 1977, ص 157 )
إن ما يلحظ في هذه الأيام من كثرة التناحر بين المسلمين , وهوة الخلاف بينهم قد زادت , لدرجة أن المسلم لا يتقبل من أخيه رأياً إلا من رحم الله عز وجل وتحلى بآداب الإسلام , هذا الخلاف أحد أسبابه الرئيسيه عدم معرفة آداب الحوار أو تجاهلها  .
لهذا سوف نتحدث في الجزء القادم عن أهم الأساليب التربوية التي تكسب الفرد آداب الحوار , فالحوار هو أسلوب تربوي إيجابي يمكن استخدامه لمختلف الأعمار والطبقات .

أولاً : أساليب تطبيق آداب الحوار في الأسرة :
إن أثر الأبوين في تربية الأبناء كبير جداً ولأن آداب الحوار هي جزء من الآداب التي يجب على الآباء أن يعلموها أبناءهم , فالأب يعلم أبناءه آداب الحوار ذلك لان الطفل الذي يتعود التعبير عن نفسه بأدب ولباقة حري به أن يتقن أصول الحوار في المجتمع , والأب من خلال تعليمه ولده آداب الحوار عليه  إعطاؤه الفرصه  للتعبير  عن نفسة من خلال الكلام , والأجابة على أسئلته حتى وأن كانت ساذجة مع تعليمه كيف يسأل وكيف يختار السؤال .
والأب الذي يحاور أبناءه ويناقشهم ويعلمهم آداب الحوار فإنه بذلك ينمي صلته بهم , فهذا التعليم ينمي العلاقات الإجتماعية بين الأب وابنه ويزيد من اقترابهما من بعضهما البعض , ويجعل الأبن يحس بشخصيته من جهه ويقوي الرباط بينه وبين أبيه ويدفعه إلى الالتجاء إلى أبيه أن استعصى عليه شيء فيكون ذلك أوكد  لتوجيه الأب لابنه توجيهاً سليماً ومجال التطبيق يكون بطرائق عدة منها :
أولاً : إكتساب آداب الحوار من خلال التربية بالقدوة :
تعد القدوة من أكثر الأساليب التربوية تأثيراً في إصلاح الفرد فالقدوة لها تأثيرها على الفرد , في إصلاحه أوفي إفساده , بإذن الله عز وجل , وقد كان الأنبياء عليهم الصلاة والسلام قدوات صالحه لأقوامهم , ومحمد صلى الله عليه وسلم هو قدوتنا قال تعالى : ( لقَد كان لكُم في رسول الله أسوة حسنةٌ لمن كان يرجوا الله واليوم الأخر وذكر الله كثيراً ) "سورة الأحزاب " فهو عليه الصلاة والسلام قدوة لأصحابه , وقدوة لمن بعده من أمته , لذا تجد أن الصحابة , رضوان الله عليهم حرصوا على وصف أخلاقه وصفاته وتعامله صلى الله عليه وسلم مع غيره.
وآداب الحوار هي من الآداب التي يمكن تعليمها للأبناء عن طريق القدوة والرسول صلى الله عليه وسلم هو القدوة التي يسعى كل مسلم للاقتداء بها , وبطبيعة الحال للوالدين أثرهما في التأثير على أبنائهما في الأقتداء به صلى الله عليه وسلم وبعد الرسول صلى الله عليه وسلم يقتدي الأبناء بالوالدين في كثير من تصرفاتهم وأعمالهم , وذلك لأنه لابد للطفل من قدوة في أسرته ووالديه , لكي يتشرب منذ طفولته المبادئ الإسلامية وينهج نهجها الرفيع (المغامسي ,1425 , ص 266 ) وهذا الأمر قد يتحقق بطرائق كثيرة سنذكر منها أمرين هما :
1-    التزام الوالدين بأداب الحوار خلال حوارتهما ,فالوالدان في حوارتهما عليهما الأخذ بآداب الحوار وعدم تجاهلها , والالتزام بهذه الآداب يجعل الأبناء عند مايستمعوم لهذه الحوارات يتأثرون بها ويستفدون في كيفية تطبيقها وبالتالي يمكن لهم الأخذ بهذه الآداب ,لانهم ينظرون إلى آبائهم نظرة إعجاب , وفي الوقت نفسة قد لايلتزم الأبناء بهذه الآداب إذا كان الوالدان لايطبقانها في واقع حياتهما .
2-     عن طريق ممارسة هذه الآداب خلال حوارتهما مع أبنائهما بحيث يلحظ الابن تطبيق الأبوين لهذه الآداب ,لأن الحوار مع الأبناء لكي يكون حواراً مثمراً ومفيداً يجب أن يكون صحيحاً وهادئاً وموجهاً بهدف واضح وفي وقت مناسب وكذلك مكان مناسب .
فالحوار معهما لابد أن أن تراعى فيه آداب الحوار وإعطاء الأبناء الفرصه في الأخذ والرد عند الحديث معهما , والأب أو الأم الذي لايراعي هذه الآداب عند حديثه مع أبنائه فإنه ينمي فيهم أمراً سلبياً ألا وهو عدم الاهتمام بهذه الآداب . المغامسي ,1425 , ص 266 )

  ثانياً : تربية الأبناء على الأخلاق الفاضلة وآداب الحوار :
إن آداب الحوار من الأخلاق الفاضلة التي يجب على الوالدين الاهتمام بها عند تربيتهم لأبنائهم . والتربية الخلقية هي تدريب الناشئين على العادات الاجتماعية التي تفي بحاجات الجماعة والتي تتكون منها الحياة الاجتماعية في مجموعها هذه العادات هي التي يفرضها المجتمع على سائر أعضائه ويلزمهم بها , وآداب الحوار من الأخلاق العامة التي ينبغي أن نربي الأبناء عليها كالصدق والتواضع والأمانة وغير ذلك من الآداب .
وهذه الآداب من الأمور التي يحتاجها المجتمع لأن الحوار في الأساس وسيلة إلى التواصل بين أفراده , ودون هذه الآداب لا قيمة لهذا الحوار في ترسيخ قيم المجتمع , وتربية الابن على الأخلاق فيها تربية على المعاملة الحسنة بين أفراد المجتمع ومراعاة أحاسيس أفراده ومخاطبة الناس على قدر ما تطبعوا عليه ومن لك تربية الابن على استخدام الأسلوب الأمثل في الحوار .
عن عائشة رضي الله عنها قالت : ( أستأذن رجل على الرسول صلى الله عليه وسلم فقال : ائذنوا له بئس أخو العشيرة , فلما دخل ألان له الكلام قلت : يا رسول الله قلت الذي قلت ثم ألنت له الكلام ؟ قال : أي عائشة إن شر الناس من تركه الناس أو دعه الناس اتقاء فحشه  ) في هذا الحديث نبه الرسول صلى الله عليه وسلم عائشة رضي الله عنها على خطأ يقع فيه بعض الناس وهو أن بعضهم قد يجهل أدب الحديث ولا يعرف آداب الحوار فإن معاملة مثل هذا لا تكون بمثل أسلوبه في الحديث , بل الواجب الصبر عليه وملاطفته لعله يرجع عما هو فيه وتتحسن أخلاقه .
وقد كان صلى الله عليه وسلم يعلم الصحابة الأخلاق والآداب في كل الأحوال , عن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما : ( أن الرسول صلى الله عليه وسلم دخل على أم السائب أو ام المسيب , فقال : مالك يا أم السائب تزفزين ؟ قالت : الحمى لا بارك الله فيها , فقال : لا تسبي الحمى , فإنها تذهب خطايا بني آدم , كما يذهب الكير خبث الحديد ) .
وفي هذا الحديث بين الرسول صلى الله عليه وسلم خطأ هذه الصحابية في سبها للحمى على الرغم من مرضها , وبين لها فائدة الحمى في تكفير الذنوب والمعاصي التي يرتكبها الإنسان وقد عدل الرسول صلى الله عليه وسلم لهذه الصحابية كلامها بأسلوب حواري جميل على الرغم من مرضها .
إذاً فالوالدان لابد أن يحرصا على غرس الأخلاق الفاضلة في نفوس الأبناء وتعليمهم الآداب الإسلامية في جميع شؤون حياتهم .
ثالثاً : تدريب الأبناء على ممارسة آداب الحوار :
تعليم الأبناء بالممارسة والعمل , فيه تدريب لهم على مواجهة الحياة الحقيقية والإنسان يتعلم بالعمل , بل إن التعليم بهذا الطريق هو أدعى لاستيعاب موضوع التعلم وأدعى إلى طول الاحتفاظ به , وأيسر في الاستدعاء والاستظهار . وإن آداب الحوار لا يمكن تعلمها في جلسة واحدة أو سردها بشكل نظري بل لابد من التدريب على تعلمها وممارستها بشكل عملي والتربية تسعى إلى تدريب المتعلم على تعقل كل شيء وفحص الجزيئات وفهم مايقال له وتفكره وعدم تقبله بدون دليل , فعلى الأبوين التأكيد على أبنائهما بالالتزام بهذه الآداب وتدريبهم عليها بحيث لو أخل الابن بهذه الآداب وهو يتحاور مع والديه أو مع أحد غيرهما لزم تنبيهه على هذا الخطأ , ويبين له أنه لن يصل إلى نتيجة في الأسلوب الذي يتبعه في مقاطعة غيره .
إن هذا التدريب على هذه الآداب مفيد جداً فالابن قد ينسى بعض هذه الآداب ولكن الاستمرار في تعليمه سيعود عليه بالفائدة والوالدان عليهما تعويد أبنائهما على هذه الآداب بالإضافة إلى ضرورة حسن مخاطبة الغير ومراعاة اللهجة اللينة, فالتأدب في الحديث مع مراعاة اللهجة التي يصدر فيها الكلام هو الذي يجعل الإنسان محبوباً في بيئته للترقي في مجال عمله , والتدريب مفيد للأبناء إذ عندها يستطيع الطفل أن يعبر عن حقوقه وبإمكانه أن يسأل عن مجاهيل لم يدركها , وبالتالي تحدث الانطلاقة الفكرية له , فيغدوا في مجالس الكبار فإذا لوجوده أثر وإذا لآرائه الفكرية صدى في نفوس الكبار , لأنه تدرب في بيئته مع والديه على الحوار وآدابه وطرقه وأساليبه , واكتسب خبرة الحوار من والديه ( المغامسي ,1425 , ص 271 )  .

ثانياً : تطبيق الآداب التربوية للحوار في المدرسة :