بحث هذه المدونة الإلكترونية

الحوار ومقارنته بالنظريات الأخرى :
أما بالنسبة للحوار ومقارنته بالنظريات الأخرى فأننا نستطيع أن نقارنه بين اليونانيين وطريقة الحوار لديهم وكذلك وكذلك طريقة الحوار في  العصر الجاهلي حيث يتضح لدينا الفرق الشاسع بينهم وبين الحوار في ضوء التربية الإسلامية
أما بالنسبة لليونانيين فإن طريقة الحوار على يد سقراط عند السوفسطائيين لم تكن قد اتضحت معالمها وقد اعتمد السوفسطائيين على المقدرة الكلامية والقوة البيانية اكثر من اعتمادهم على الدليل والمنطق والبرهان فكل كلام مزخرف عندهم وكل عبارات منمقة في رأيهم هي الطريقة لكسب المنفعة أما البحث وراء الحقيقة فعبث باطل.
استعمل اليونانيون الجدل بمعنى التحاور او التخاطب بين الناس بينما كان اهل اثينا يعدون الجدل  فنا عاليا او فن البحث عن الحق
طريقة الحوار عند سقراط تعتمد على طرح الاسئلة والإجابة عنها ومناقشة الاجابات عن طريق الاسئلة ايضا وهذه الطريقة تمر بثلاث مراحل :  الاولى اسئلة يقصد منها أن يكتشف الشخص بنفسه انه على باطل وليس محقا في اعتقاده والثانية اسئلة يقصد منها ان يعرف الشخص انه جاهل لا يعرف الحقيقة لذا فهو في حاجة الى سقراط يرشده إليها وأخيرا اسئلة يقصد بها ان يصل الشخص المخطئ او الجاهل إلى الحق والصواب بنفسه.
في العصر الجاهلي مارس العرب نوعا من المحاورات في المنافرات وهي تقترب من خطب اصلاح ذات البين التي كان يقيمها الجاهليون فيقيم المتخاصمون حكما يقران به وينهض كل منهما للتفاخر امامه متغنيا بشرفه وشرف ذويه وإظهار عيوب منافسه ومساوئه.
والمنافرة او المفاخرة بمعنى واحد هي المباهاة في الجمع المحتشد بفضائل الاصل ومكارم النسب ومحاسن الاخلاق وعلو المنزلة وروعة المكانة وجليل الفعل ومن ثم كانت الجاهلية تعدها ضرورة طبيعية لكيانها تأليفا للقلوب حول القبيلة وكان الحوار في المنافرة يبدو اكثر حيوية وتنوعا واقصر من خطبة اصلاح ذات البين كما ان العراك يظهر اكثر عنفا كأن الخصمين يتصارعان ويتجادلان فيها بالقول بما هو احد من وقع السيف والمعاني تبدو فيها مباشرة صريحة ولا يلمح إليها والفرق بين المفاخرة وبين خطب اصلاح ذات البين انه في خطب اصلاح ذات البين ترى المتصالحين يأخذون بالعقل والروية بقدر ما ينساقون بالانفعال اما المتنافران فإن كلا منهما يصدر عن غضب وحقد وتنزع به الانفعالات نزوعا ولا تدع للعقل والروية إليه سبيلا ( الموجان , 1427, ص 113 ,114)

0 التعليقات:

إرسال تعليق